أحبّك أكثر
غداً
حين تكبرين
ينحني ظهرك قليلاً
تجاعيد عينيك واضحة
كأوشام دهريّة
البياض مطلٌّ من ليل شعرك
العشب بين مفاصل ذكرياتك
النّمش في سفوح ظهرك
على مهل تنهضين من سرير الوقت
متكوّرة مثل نون الحنان.
ثمّة أدوية على المنضدة
سعال في الأروقة
زينة أقل
زياراتك إلى المزين نادرة جداً
إلى الطبيب أكثر
زجاج نظاراتك يزداد سماكة
غضبك سريع الذوبان
بصيرتك أقوى من بصرك
الواحة في أعماقك أكثر نخيلاً
من الجسد
ما عشناه سويّاً أشدُّ بريقاً
من الذّهب
غداً،
حين تكبرين
سوف أحبّك أكثر
لن أفتقد رماح قامتكِ
صحبتك نخلة مثمرة
لن أطلب ماضياً مضى
كل رجوع يضمر خيبته
كل عودة مشوبة بالنّقصان
سوف أحبّ الشقوق في باطن قدميك
وحماقاتك المستجدّة بعد الأربعين
أمسك كفّك على كورنيش المنارة
كمن يمسك موجة من مشيب البحر.
غداً،
يتخرج ابنك البكر
أرافقك كمن يحتضن سحابة
أشدّ على يديك المورقتين فرحاً
منصتاً لحداء قلبك
للدماء المسرعة إلى وجنتيك
تستعيدين عمراً مضى كإغفاءة عصر
أمس كان يحبو في مرمى حواسك السّبع
(الحنان حاسّتك الأولى)
عائداً بأجراس الّلهفة وفروض البراءة
يتهجّى اسمك بحروف من نسيم
وأنت عند العتبة
مشرئبّة كرأس الرّجاء الصّالح
كم سيّجت عمره بالنذور
وحيدة على حافة نومه
تتخيّلين هذه اللحظة
واقفاً بردائه الأسود
شهادته كآذان الفجر
مبتسماً صوبك كأوّل النّهار.