يعدّ الشاعر نزار قبّاني من شعراء العصر الحديث الّذين أبدعوا في وصف الحبّ والغزل بالمرأة، وسنذكر لكم في هذا المقال أجمل قصائده الّتي تحدّثت عن الحبّ والعشق.
قصيدة حب بلا حدود
يا سيِّدتي
كنتِ أهمّ امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العام
أنتِ الآنَ أهمُّ امرأةٍ
بعد ولادة هذا العامْ
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالسّاعاتِ وبالأيَّام
أنتِ امرأةٌ
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ
ومن ذهب الأحلام
أنتِ امرأةٌ كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوام
يا سيِّدتي:
يا مغزولةً من قطنٍ وغمام
يا أمطاراً من ياقوتٍ
يا أنهاراً من نهوندٍ
يا غاباتِ رخام
يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ
وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ
لن يتغيّر شيء في عاطفتي
في إحساسي
في وجداني في إيماني
فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلام
يا سيِّدتي
لا تَهتمّي في إيقاع الوقتِ، وأسماء السنوات
أنتِ امرأةً تبقى امرأةً في كلّ الأوقاتْ
سوف أحِبُّكِ
عد دخول القرن الواحد والعشرين
وعند دخول القرن الخامس والعشرين
وعند دخول القرن التاسع والعشرين
و سوفَ أحبُّكِ
حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ
و تحترقُ الغابات
يا سيِّدتي:
أنتِ خلاصةُ كلِّ الشعرِ
ووردةُ كلِّ الحريات
يكفي أن أتهجّى اسمَكِ
حتّى أصبحَ مَلكَ الشعرِ
وفرعون الكلمات
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلكِ
حتى أدخُلَ في كتب التاريخِ
و ترفعَ من أجلي الرايات
يا سيِّدتي
لا تَضطربي مثلَ الطّائرِ في زَمَن الأعياد
لَن يتغيّرَ شيءٌ منّي
لن يتوقّفَ نهرُ الحبِّ عن الجريان
لن يتوقّف نَبضُ القلبِ عن الخفقان
لن يتوقّف خجَلُ الشعرِ عن الطيرانْ
حين يكون الحبُ كبيراً
و المحبوبة قمراً
لن يتحوّل هذا الحُبُّ
لحزمَة قَشٍّ تأكلها النيران
يا سيِّدتي:
ليس هنالكَ شيءٌ يملأ عَيني
لا الأضواءُ
ولا الزينات
ولا أجراس العيد
ولا شَجَرُ الميلاد
لا يعني لي الشارعُ شيئاً
لا تعني لي الحانةُ شيئاً
لا يعنيي أيّ كلامٍ
يكتبُ فوق بطاقاتِ الأعياد
يا سيِّدتي:
لا أتذكَّرُ إلّا صوتَكِ
حين تدقُّ نواقيس الأعياد
لاأتذكرُ إلّا عطرَكِ
حين أنام على ورق الأعشاب
لا أتذكّر إلّا وجهكِ
حين يهرهر فوق ثيابي الثلجُ
وأسمع طَقطَقة الأحطاب
ما يُفرِحُني يا سيِّدتي
أن أتكوَّمَ كالعصفور الخائفِ
بين بساتينِ الأهداب
ما يبهرني يا سيِّدتي
أن تهديني قلماً من أقلام الحبرِ
أعانقُهُ
و أنام سعيداً كالأولاد
يا سيِّدتي:
ما أسعدني في منفاي
أقطِّرُ ماء الشعرِ
وأشرب من خمر الرهبان
ما أقواني
حين أكونُ صديقاً
للحريّةِ والإنسان
يا سيِّدتي:
كم أتمنّى لو أحببتُكِ في عصر التَنْويرِ
وفي عصر التصويرِ
وفي عصرِ الرُوَّاد
كم أتمنّى لو قابلتُكِ يوماً
في فلورنسَا
أو قرطبةٍ
أو في الكوفَةِ
أو في حَلَبً
أو في بيتٍ من حاراتِ الشام
يا سيِّدتي:
كم أتمنّى لو سافرنا
نحو بلادٍ يحكمها الغيتار
حيث الحبُّ بلا أسوار
و الكلمات بلا أسوار
و الأحلامُ بلا أسوار
يا سيِّدتي
لا تَنشَغِلي بالمستقبلِ، يا سيّدتي
سوف يظلُّ حنيني أقوى ممّا كانَ
وأعنفَ ممّا كان
أنتِ امرأةٌ لا تتكرَّرُ في تاريخ الوَردِ
وفي تاريخِ الشعْرِ
وفي ذاكرةَ الزنبق والرّيحان
يا سيِّدةَ العالَمِ:
لا يشغِلُني إلا حبُّكِ في آتي الأيّام
أنتِ امرأتي الأولى
أمّي الأولى
رحمي الأوّلُ
شَغَفي الأوّل
شَبَقي الأوَّلُ
طوق نجاتي في زَمَن الطوفان
يا سيِّدتي:
يا سيِّدة الشِعْرِ الأُولى
هاتي يَدَكِ اليُمْنَى كي أتخبَّأ فيها
هاتي يَدَكِ اليُسْرَى
كي أستوطنَ فيها
قُولي أيَّ عبارة حُبٍّ
حين تبتدئ الأعيادْ